Friday, September 20, 2013

عن الإنسانية ... لا عن السياسة


عن الإنسانية ومستقبلنا المشترك الذي لن يصلح إلا في مجتمع متعاون يعيش كل فرد فيه ويترك الآخرون يعيشون. وليس عن السياسة وخلافاتها وتصارعها لتحقيق المكاسب؛ تلك المكاسب التي أحيانًا ما تكون في صالح جزء من المجتمع وليس في صالح الوطن كله.

بالطبع لن نحقق "المدينة الفاضلة" ولكن اللي بيحصل بدءًا من ديسمبر 2012 أوفر جدًا. أوفر جدًا لإنه في عهد "أول حكم منتخب بعد ثورة يناير". أريد حدًا أدنى من "أخلاقيات بناء مستقبل أفضل". لكن ما يحدث الآن هو حدودًا قصوى من "كيف تدمر نفسك في أقل من سنة"!!!




من يريد "إسلامية إسلامية" أو "تطبيق شرع الله" لن يحقق ذلك طالما يستمر في الجزم بأنه على حق وغيره على باطل. المكاسب التي تريد تحقيقها بهذه الطريقة، لن تتحقق أبدًا بهذه الطريقة. ما المعضلة في التفكير بطريقة "لقد اجتهد شريكي في الوطن في حبه لوطنه. قد يكون مخطئًا وقد يكون مصيبًا" ؟! ما المعضلة في الاعتراف بخطاياك وتصحيح فكرك؟! ما المعضلة في نشر التسامح. قضى مانديلا نفسه فترة من حياته في كفاح مسلح ولكنه اعترف بعد ذلك بأخطاء حزبه "المؤتمر الوطني". وعندما صار مانديلا رئيسًا عام 94، سعى للمصالحة وأسس "لجنة الحقيقة والمصالحة" للتحقيق في انتهاكات جميع الأطراف. ليه منتعلمش من أخطاء غيرنا ونقصر مسافة طريق إقامة دولة العدل؟

ما المعضلة في تطبيق القانون على من يخالفه فقط والضم على من تبقى من المجتمع بطريقة لا تضعه في خانة الدفاع عن النفس والوصمة؟! إن فعلنا غير ذلك، لن تكون النتيجة في صالحنا وصالح الأجيال القادمة. نحن نصنع مستقبل أبنائنا كما صنع أباءنا حاضرنا. كيف نلوم 30 سنة فساد مثلاً ثم ندخل أنفسنا في 30 سنة غباء؟ يبدو إن "الاستسهال هو السبب". (أنصحكم بمشاهدة فيلم The Upside of Anger والتركيز على المشروع الدراسي للفتاة الصغرى).

أنا أعرف أن كلامي هذا لن يرضي الكثير ممن في هذا الفصيل وممن في عكسه. حيث أجد من يصيح في وجهي "كيف نتسامح مع الإرهابيين؟!" وأجد من يقول "يتوب عن تأييده للانقلاب قبل ما يتكلم معايا".

أنا مقتنع إن المستقبل الذي يريده كل فرد في هذا الفصيل ـ والمستقبل الذي يريده أفراد الفصيل المضاد للفصيل الأول ـ لن يتحقق إلا بالتعاون المتبادل <عيش وسيب غيرك يعيش>. إن كانت السياسية بتفرقنا، أكيد "الوطنية" هتجمعنا. شئتم أم أبيتم، بررتم أم تحذلقتكم من أجل المكاسب السياسية، تغابيتم أو تجاهلتم الواقع، لن تقوم أمة مزدهرة على الكراهية.


ويسألني سائل: "كيف تقول كلامك المثالي وقد حدثت كل الفظائع التي تعرفها؟!"
أقول: فكر معي. فكر دقيقة. أليس ما أقول هو الذي سيجنبنا حدوث فظائع أخرى؟ من منا يريد دخولنا في سلسلة كوارث لتدمير الذات؟!

"بعد الطوفان، الجو شبورة. نهمس لبعض بهمسة مذعورة.
بشويش نمد الايدين. يا اللي انتا جمبي، انتا فين؟
كان فيه طوفان وخلاص، مبقاش طوفان.
المسني، ونسني، أنا حيران"

"يا ابن الوطن والنيل، كلك أسى وجروح.
دمع الجرس بيسيل، صوت الأدان مجروح.
... دحنا مصير واحد، زي البدن والروح"